saleh ben nheem
المشاركـــات : 269 الجنس : الدوله : العمر : 33 الهوايه : المزاج : الموقع : حضرمــــــــوت My MMS :
| موضوع: قصه تدمع العين الخميس يناير 06, 2011 11:24 am | |
| هاهي عقارب الساعة تزحف ببطء لتصل إلى السادسة مساء في منزل زوجة الفقيد أبيمحمد التي تقضي اليوم الأول بعد رحيل زوجها الشاب إلى جوار ربه , ولسانحالها تجاهه وهي ترمق صخب الدنيا : جاورتُ أعدائي وجاور ربه *** شتان بين جوارهوجواري غصَّ البيت بالمعزين رجالا ونساء صغارا وكبارا ... اصبري يا أم محمد واحتسبي , وعسى الله أن يريك في محمد ذي الثلاثةأعوام خير خلف لأبيه ... وهكذا قضى الله أن يقضي محمد طفولته يتيم الأب , غير أن رحمة اللهأدركت هذا الغلام , فحنن عليه قلب أمه فكانت له أما وأبا ..
تمر السنون ويكبر الصغير وينتظم دارسا في المرحلة الابتدائية .. ولما كُرِّم متفوقا في نهاية السنة السادسة أقامت له أمه حفلا رسمالبسمة في وجوه من حضر .. ولما أسدل الليل ستاره وأسبل الكون دثاره ,, سارَّتْه أمه أن يا بني ليس بخاف عليك قلة ذات اليد عندنا , لكنيعزمت أن أعمل في نسج الثياب وبيعها , وكل مناي أن تكمل الدراسة حتى الجامعة وأنت فيخير حال ..بكى الطفل وهو يحضن أمه قائلا ببراءة الأطفال : ( ماما إذا دخلت الجنة إن شاء الله سأخبر أبي بمعروفك الكبير معي ) .. تغالب الأم دموعها مبتسمة لوليدها ..
وتمر السنون ويدخل محمد الجامعة ولا تزال أمه تنسج الثياب وتبيعهاحتى كان ذلك اليوم ... دخل محمد البيت عائدا من أحد أصدقائه فأبكاه المشهد ..وجد أمه وقدرسم الزمن على وجهها تجاعيد السنين .. وجدها نائمة وهي تخيط , لا يزال الثوب بيدها ..كم تعبت لأجل محمد ! كم سهرت لأجل محمد ! لم ينم محمد ليلته تلك ولم يذهب للجامعة صباحا ..عزم أن ينتسب فيالجامعة ويجد له عملا ليريح أمه من هذا العناء .. غضبت أمه وقالت : إن رضاي يا محمد أن تكمل الجامعة منتظما وأعدكأن أترك الخياطة إذا توظفت بعد الجامعة ..وهذا ما حصل فعلا ..
هاهو محمد يتهيأ لحفل التخرج ممنيا نفسه بوظيفة مرموقة يُسعد بهاوالدته وهذا ما حصل فعلا .. محمد في الشهر الأول من وظيفته وأمه تلملم أدوات الخياطة لتهديهالجارتها المحتاجة , محمد يعد الأيام لاستلام أول راتب وقد غرق في التفكير : كيف يردجميل أمه ! أيسافر بها ! أيسربلها ذهبا ! لم يقطع عليه هذا التفكير إلا دخول والدته عليه وقد اصفر وجهها منالتعب , قالت يا بني أشعر بتعب في داخلي لا أعلم له سببا , هب محمد لإسعافها , حال أمه يتردى , أمه تدخل في غيبوبة , نسيمحمد نفسه .. نسي عمله .. ترك قلبه عند أمه لا يكاد يفارقها , لسان حاله : فداك النفس يا أمي .... فداك المال والولد
وكان ما لم يدر في حسبان محمد .. هاهي الساعة تشير إلى العاشرةصباحا ,, محمد يخرج من عمله إلى المستشفى , ممنيا نفسه بوجه أمه الصبوحريانا بالعافية , وعند باب القسم الخاص بأمه استوقفه موظف الاستقبال وحثه على الصبروالاحتساب .. صعق محمد مكانه ! فقد توازنه ! وكان أمر الله قدرا مقدورا , شيع أمه المناضلة لأجله , ودفن معها أجمل أيامه , ولحقت بزوجهابعد طول غياب , وعاد محمد يتيم الأبوين ..
انتهى الشهر الأول ونزل الراتب الأول لحساب محمد .. لم تطب نفسهبه , ما قيمة المال بلا أم ! هكذا كان يفكر حتى اهتدى لطريق من طرق البر عظيم , وعزم على نفسهأن يرد جميل أمه حتى وهي تحت التراب ,
عزم محمدأن يقتطع ربع راتبه شهريا ويجعله صدقة جارية لوالدته , وهذا ما حصل فعلا .. حفر لها عشرات الآبار وسقى الماء وبالغ في البر والمعروف , ولميقطع هذا الصنيع أبدا حتى شاب عارضاه وكبر ولده ولا يزال الربع مُوقفاً لأمه , كانت أكثر صدقاته في برادات الماء عند أبواب المساجد ..
وفي يوم من الأيام وجد عاملا يقوم بتركيب برادة عند المسجد الذييصلي فيه محمد .. عجب محمد من نفسه ! كيف غفلت عن مسجد حينا حتى فاز به هذا المحسن !! فرح للمحسن وندم على نفسه ! حتى بادره إمام المسجد من الغد شاكرا وذاكرا معروفه في السقيا !
قال محمد لكني لم أفعل ذلك في هذا المسجد ! قال بلى جاءني ابنكعبد الله – وهو شاب في المرحلة الثانوية - وأعطاني المبلغ قائلا : هذا سأوقفه صدقة جارية لأبي , ضعها في برادة ماء , عاد الكهل محمدلابنه عبد الله مسرورا بصنيعه ! سأله كيف جئت بالمبلغ ! ليفاجأ بأن ابنه مضى عليه خمس سنوات يجمعالريال إلى الريال حتى استوفى قيمة البرادة !
وقال : رأيتك يا أبي منذ خرجتُ إلى الدنيا تفعل هذا بوالدتك .. فأردت أن أفعله بوالدي .. ثم بكى عبد الله وبكى محمد ولو نطقت تلك الدمعات لقالت :
إن بركة بر الوالدين تُرى في الدنيا قبل الآخرة !
وبعد .. فيا أيها الأبناء ..
بروا آباءكم .. ولو ماتوا .. يبركم أبناؤكم | |
|
اسير الصمت
المشاركـــات : 120 الجنس : الدوله : الهوايه : المزاج : الموقع : المملكة العربية السعودية ( جدة )
| |